كانت لي أمنية ....
أن أحتسي قهوتي الصباحية
في مقهى الحرية
للقهوة مذاق مختلف
لكل رشفة من فم الفنجان
قصة
أحن لتلك الاماكن المنسية
أحن لراحة الجدران العتيقة والسلم المكسور
قررت أن أتحدى دموعي وألمي
سأخرج هذا الطفل القابع في جوفي
الساكن تحت جلدي
أهديه أرجوحة
لنطير سوى
لعالم الخيال والاحلام
لا شيء يمنعنا إننا نحلم
الشيء الوحيد الذي لايحاسبنا عليه أحد
نحلم بحرية
لما لا
ليكن ذلك
حينما يخاصمنا الواقع
نخترق الحاجز الزمني
نعوم بالفضاء بين السُحب والنجوم
نسافر الى القمر على متن غيمة .. في الاحلام
نطير كالعصافير ونحط أينما شئنا .. في الاحلام
ليس مهم ان أتهمونا
بالجنون
ليكن ذلك
أهلاً بالجنون عندما يكون
مطلب وأمنية
نعم إنه القتل الرحيم
يخفف الوجع المزمن
كان موعد وقطار
عند المحطة الخامسة
الساعة تشير الى الخامسة الا دقيقتين
وصل القطار الخامس بعد المائة
سنين مرت وأنا أنتظر قدومه الميمون
صباح كل يوم خميس
يصلني صوت من بعيد
يوشوش لي ..
سيعود.. في قطار الساعة الخامسة مساءً
تأهبت لإستقباله
وقفت بين حشود من البشر
أنتظر وعيناي تبحث وتدور
لاح لي
من نافذة المقطورة الخامسة
يجتاز الممر الخامس
ترجل خمسة سلالم
بقامته الممشوقة وهيبـــته
مسكت بيدي منديل أبيض
صرت الوح له
عسى أن يلتفت
قلبي يشتد خفقانه
لم يلمحني
سقط منديلي الأبيض وأختفى بين الأقدام
كان بوسعي أن أصرخ بإسمه
شي من الخوف والحذر منعاني
كانت برفقته سيدة طويلة القامة ممتلئة وجهها لايفسّر
أسرعت في السير على أمل أن ألحق به
حالما وصلت كان قد أقلَ سيارة أجرة
وقفت أنظر اليه من بعيد عسى أن يلتفت اليّ
أخنق عبرتي
حاولت أن أبدو متماسكة
لم أستطيع إخفاء إنفعالاتي
تساقطت دموعي رغما ًعني
نظر اليّ أبتسم أومأ لي برأسه
قرأ مافي عيناي من شوق
قرب ربوة خضراء
كان موعدنا
لتلك الربوة حكاية قديمة !!
وذكريات
حيث المروج الخضر والورد من كل لون
سماء صافية وشمس تنسحب بهدوء
حملت اليه وردة حمراء
جلست قبالة كرسيه المعهود
نفس الركن شهد حرارة أنفاسنا وأول لقاء
لازال صدى ضحكاته عالق في المكان
نفس المقهى ذو الباب الأخضر
نفس الزاوية
أعشق هذا المكان
وجدران الصخر العتيق
وسقوف القرميد الأحمر
وروائح قهواه الزكية تعبئ المكان
ودندنة فيروزية
لاتسألوني ماأسمه حبيبي
أخشى عليه ضيعة الدروب
كنت ولازلت أسبقه في الحضور
أجلس أراقب الباب
أجد متعتي بمشاهدته وهو يبحث عني
وهو يتجه صوبي
أمتع نظري باطلالته البهية وأشراقة محياه
تسمرّت عيناي على باب المقهى
قلبي يكاد يطير من الفرح
أناس يدخلون وآخرون يخرجون
صوت النادل يرج الارجاء
يضحك ويجامل هذا وذاك
تأخر نصف ساعة
مرت عليّ كأنها دهر
وهاهو يحضر ...
آآه من تلك اللحظة أشتد دوي قلبي . . تلعثمت
لن أقوى على الوقوف .. أرتبكت
سلم عليّ بحرارة
تكلم .. تبسم
كان في غاية السرور
فرح جداً بهذا اللقاء
أما أنا فكنت مشدودة ..
جعل يحكي بفرح بنفس الحماس
نفس طريقته بالكلام لم يتغير أبدا ً
بل أزداد جاذبية ووسامة
أما أنا أصبت بخرس مؤقت
كنت في حالة صمت وإصغاء تام
عيناي مفتوحتان تخشى أن ترمش كي لا تضيع أحلى اللحظات
وهو مندمج يحكي عن مشاريعه وما وصل اليه من نجاحات
أما أنا كنت مشغولة أبحث عن مكاني
هل مازال لي مكان في زحمة أشغاله وإنشغاله
كم كنت أحلم ! بهذا اللقاء
ورسمت آمال
وجدت نفسي لازلت أبحث عنه في الماضي
هو سبقني وأجتازني بأزمان !
علق كل ما يربط بيننا على رف منسي !!
ها أنا أصحى وكأن من أتى ودلق جردل ماء بارد في وجهي
أفرك عيناي وأتأمل
أين هو !!
مَن هذا ؟!
نعم إنه هو بكامل هيئتــه
أين ذهب من كان يشغل هذا المكان ...
أيقنت الآن أنه لم يعد كما كان
هذا الشخص الجالس أمامي
بقايا ذلك الانسان
جاء بمهمة رسمية
جاء ليلُقي عليّ التحية
ضحك قلبي بسخرية
أسف وخيبة وندم
كم حلمت !! وكم كنت أحلم !!
لازلت أنظر اليه بذهول
طلب نفس فنجان زمان
بنفس الطريقة لم يتغيير
يعصر الفنجان بكلتا يديه
يستنشق رائحة القهوة
قبل أن يأخذ أول رشفة
ويردد الله ما أروعك ..!
بعدها يرتشفها بشهية
تكلمنا .. تعاتبنا ...
تذكرنا نعم تذكرنا .
حكينا كثيراً عن زمان
والشوق لتلك الايام
خرجنا لنسير مثلما كنا نفعل زمان
كنت أستمع لحديثه
لازال صوته يغشى على روحي
لازلت أعشقه
لازلت أعشق ما تبقى منه
رغم التحول والانقلاب
لن يتغير حبي له قيد أنمله
لازلت أعشق روحه الهائمة في خيالي
كنت أتمنى أن يقف بنا الوقت
وتموت عقارب الساعة
لم أكن أشعر بالوقت كيف أجتازنا
كان يحكي وأنا أنصت
لم أهتم لمواضيعه
بقدر استمتاعي وشوقي لصوته
كنت أتمنى أن يختفي للأبد
وبنفس الوقت
كنت أتمنى أن يبقى معي للأبد
هي مشاعر متناقضة
تركني وغادر
تأملت
دارت بي عجلة الايام
سرحت
خرجت بنتيجة
يجب أن لانحلم كثير
كي لا . . .ونُصدم
قال لي قبل أن يغادر
لنبدأ من حيث أنتهينا !!
لم أفهم شيء مما قال!!
شيء في داخلي تكسّر
لا أعلم إن كنت سأراه في مرة قادمة
لم أعُد أهتم مثلما كنت..
لن أذهب لنفس الموعد
أوقفت البحث والانتظار
وآمنت بمقولة
أن من يهمه أمري يبحث عني
لن أجري وراء الأوهام
لازلت أحلم
على أمل
أن يرجع
شــادي .... !!
الذي ضاع مني
في الوادي . .
!
!