سبحان من جعل الجنان منازلا
وجنة الدنيا لواءاً أخضرا
إب الإباء روح ريحة ناسها
خير خير الناس اطيب معشراً
الواحة الغناء اغنى بلدة
لاتضاهيها سوى ام القرى
فهي عاصمة العصافي التي
فيها فقط يصحو الجمال مبكراً
جمالها العذري شبه مؤنث
كحوراء تبدو ذات طرف احورا
قميصها الزهري اضحى منعشا
وصباحها الجوري يصحو معطراً
واحاتها الخضراء اروع حلة
وشطر كل الحسن فيها مبعثرا
تبدو كغانية بيوم زفافها
فستانها الوردي ينفح زعفرا
عروسة وسط العواصم زينت
بالحرير وبالحلي وجوهرا
فأينما حدقت تلقى حدائقا
وحيثما يممت طرفاً آسرا
سكونها وسط السكون محيرٌ
وسحرها الجذاب يفتن من يرى
سفوحها الخضراء أكثر خصبةً
وبساطها المدني زاد تحضرا
تبدو انحناءات الحقول كأنها
نقش على سيقان انثى مسطراً
والفل حول أكفها كأساورٍ
نقشت بماء الورد سطراص آخرا
تلهو الفراش على ضفاف قطوفها
وبين أغصان الورود الحمرا
والنحل حطت فوق روضٍ مزهر
تستلذ بكل عذبٍ سكرا
تمتص من فم الزهور رحيقها
وريقها تهديه شهدا مسكرا
فسبحان من جعل الطبيعة مهرها
وكسائها الخلاب يبهر مُبهرا
تلك عاصمة البنفسج طُوقت
بالياسمن وتوجت بالاصفرا
اعشوشبت كل الفصول بخصرها
وربيعها العشرين لا يتغيرا
كرم الكريم يفيض في اعناقها
والخير كل الخير فيها عامرا
كانها حبلى بكل فصولها
ميلاد صيفها بالربيع مبشرا
واخة غناء لايعكر صفوها
فسبحا من جعل السحاب مسخرا
في سماها الغيث يرسم لوحة
مزجت بماءٍ زئبقي مكسرا
تمر شلالات من اعناقها
فترى بسط الروض دوما مبحرا
ينضح العذب الزلال بصدرها
وتفقت كل الجداول كوثرا
فيها فقط يصحو الرهيم مبكرا
والطل من جفنيها يغدو مقطرا
لا ضير ان سلب الخريف وشاحها
فالحسن كل الحسن فيها مقدرا
حتى اذا العمران ارخى لثامها
فصدرها المكسي دوما مثمرا
تبقى وان عرى الخريف جمالها
عيناها خضراء وشعرها اشقرا
بنت الطبيعة عانقت عشاقها
وصافحت كل ضيف زائرا
كل الفصول تمر من الوانها
الوانها وتعود لونا اخضرا